بحـث
المواضيع الأخيرة
مبشرات بانتصار الامة
مبشرات بانتصار الامة
الخطبة الأولى
إن مبشرات الوحي وحقائق التاريخ تخبرنا بأن أمة الإسلام أمة منتصرة ؛ لأن الله تعالى أودع فيها من عناصر القوة والبقاء ما يجعلها أمة حية باقية وأنها لا تموت ولا تفنى إلا إذا أراد الله نهاية الحياة وقيام الساعة .
روى الإمام أحمد وغيره وصححه الألباني عن أبي قبيل ـ رحمه الله ـ قال : كنا عند عبد الله بن عمرو بن العاص ـ رضي الله عنها ـ وسئل أي المدينتين تفتح أولاً ؟ القسطنطينية أو رومية ؟
فدعا بصندوق له حلق ، قال : فاخرج منه كتاباً ، قال : فقال : عبد الله بينما نحن حول رسول الله صلى الله عليه وسلم نكتب إذ سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم : أي المدينتين تفتح أولاً ؟ القسطنطينية أو رومية ؟ فقال : ( مدينة هرقل أي : القسطنطينية تفتح أولاً ) .
والقسطنطينية هي عاصمة الدولة الرومانية الشرقية آنذاك وهي : اسطنبول الآن ، ورومية هي روما ، وكانت عاصمة الدولة الرومانية الغربية ، وكانتا معقل النصرانية في العالم ، ويفهم من الحديث أن الصحابة كانوا يعلمون منه صلى الله عليه وسلم أن هاتين المدينتين ستفتحان ، لكن يسألون أي المدينتين تفتح أولاً ؟ فبشر رسول الله صلى الله عليه وسلم بفتح القسطنطينية أولاً ، وقد كان وتحققت البشارة النبوية بعد أكثر من ثمانمائة سنة وبالتحديد في : 20 / جمادى الأولى / سنة 857 هجرية على يد الفتى العثماني المجاهد محمد الفاتح ـ رحمه الله ـ وستحدث البشارة الثانية لا محالة .
وليس وعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بفتح المدينتين القسطنطينية وروما فقط ، بل وعد بفتح الأرض جميعاً ، ووعد ربنا جل وعلا بنصر المؤمنين ، ولقد رأينا ذلك كثيراً في صفحات تاريخنا ، لا أياماً أو شهوراً أو سنوات ، بل رأيناه قروناً عديدة . لقد كان المسلمون ينتصرون دائماً وهم أقل عدداً وعدة .
انتصر المسلمون على عدوهم في بدر ، مع فارق العدد والعدة .
وتأمل قول الله تعالى في امتنانه على المؤمنين في تلك الموقعة : * وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * .
انتصر المسلمون في موقعة اليمامة باثني عشر ألفاً من المجاهدين على أكثر من أربعين ألفاً من المرتدين .
وفتح خالد بن الوليد رضي الله عنه العراق بثمانية عشر ألفاً من الرجال الأبطال ، فدك حصون الفرس في خمس عشرة موقعة متتالية دون هزيمة .
وكانت جيوش الفرس تصل في بعض المواقع إلى مئة وعشرين ألفاً .
انتصر المسلمون المجاهدون في موقعة القادسية باثنين وثلاثين ألفاً من الرجال الأفذاذ على مائتين وأربعين ألفاً من الفرس ، وكانت موقعة فاصلة كسرت فيها شوكة الفرس ، وقتل فيها معظم قادة الجيش الفارسي .
انتصر المسلمون المؤمنون في موقعة نهاوند بثلاثين ألفاً على مائة وخمسين ألفاً .
وانتصر المسلمون المجاهدون الصابرون في حصار تستر بثلاثين ألفاً على مائة وخمسين ألفاً من الفرس ، وقد تكرر القتال أثناء ذلك الحصار ثمانين مرة ، وانتصر فيها المسلمون دون هزيمة واحدة .
انتصر المسلمون في اليرموك بتسعة وثلاثين ألفاً على مائتي ألف من الرومان .
انتصر المسلمون في معركة وادي برباط في فتح الأندلس باثني عشر ألف رجل على مائة ألف قوطي أسباني .
لقد رأينا ذلك وأمثاله مئات المرات ، بل آلاف المرات ... وما هذا الذي ذكرته لكم إلا مقتطفات يسيرة من سفر الإسلام
العظيم .
إقراءوا تاريخكم يا مسلمون .. فوالله الذي لا إله إلا هو ، لا يوجد تاريخ في الأرض مثل تاريخ المسلمين ، ولا يوجد دين مثل دين المسلمين ، ولا يوجد رجال مثل رجال المسلمين .
وحتى السقطات التي كانت تقع في تاريخ المسلمين كان يعقبها قيام أقوى وأشد ، وتعالوا نقلب صفحات قلائل من تاريخنا الحافل الزاخر العظيم بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم ارتدت الجزيرة العربية بكاملها إلا ثلاث مدن وقرية : المدينة ، ومكة ، والطائف ، وقرية هجر بالبحرين ، ولم تكن الردة بمنع الزكاة فقط ، بل ارتد كثير عن الإسلام بالكلية ، ومنهم من فتن المسلمين في دينهم ، ومنهم من قتل المسلمين ، بل إن منهم من ادعى النبوة كمسيلمة الكذاب ، والأسود العنسي وغيرهم ، وعم الكفر جزيرة العرب ، ويأس بعض الصحابة ، فكان الموقف أشد مما نحن فيه الآن مرات ومرات ، حتى قال بعضهم : يا خليفة رسول الله لا طاقة لنا بحرب العرب جميعاً ، الزم بيتك ، وأغلق عليك بابك ، واعبد ربك حتى يأتيك اليقين .
وهكذا ظنوا أنه لا نصر ولا أمل في القيام ، لكن الله عز وجل مَنَّ على المسلمين بأبي بكر الصديق رضي الله عنه الذي قام كالأسد الهصور ، يردد كلمة لو قالها المسلمون وعملوا بها لسادوا الدنيا جميعاً ، قال : ( أينقص الدين وأنا حي ؟ ) كلمة عظيمة جداً ، لا تصدر إلا عن عظيم ( أينقص الدين وأنا حي ؟ أقاتلهم وحدي حتى تنفرد سالفتي ) أي : حتى تنقطع رقبتي .
وقام الصديق رضي الله عنه وقام معه المسلمون فما هو إلا عام من الجهاد والقتال والنزال ، حتى أشرقت الأرض من جديد بنور ربها ، وأسلمت الجزيرة العربية بكاملها لله رب العالمين .
بل وأخذ أبو بكر قراراً هو أعجب قرار في التاريخ !! وهو إخراج جيشين من جزيرة العرب ، جيش لفتح بلاد فارس ، وجيش لفتح بلاد الروم .. عجباً لك أيها الصديق .. دولة صغيرة
خارجة من حرب أهلية مدمرة تواجه دولتين تقتسمان وتسيطران على العالم : فارس والروم !! لكنه موعود الله : * وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ * .
ويفتح الله عليه الدولتين ، وتكون انتصارات بلا هزائم ، وتمكين بلا ضعف ، وأمن بلا خوف تحقيقاً لقول الله : * وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * .
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .
الخطبة الثانية
أسمعتم أيها المسلمون عن ملوك الطوائف في بلاد الأندلس ؟ أرأيتم كيف قسمت بلاد الأندلس في عهدهم إلى أكثر من عشرين دويلة صغيرة متناحرة ؟ أرأيتم العمالة والخيانة والخزي والعار ؟
أرأيتم السفه والمجون والخلاعة والانحلال ؟ ثم ما شابه ذلك في بلاد المغرب والجزائر والسنغال وموريتانيا في قبائل البربر آنذاك ؟ أرأيتم ما حدث ؟ لقد فشا الزنا ، وانتشرت الخمور ، ووقع السلب والنهب وعم الفساد الأرض . ثم ماذا حدث ؟ لقد تغير الوضع تماماً في سنوات معدودات فيما يشبه المعجزة !! كيف ؟ لقد جاء رجل !! رجل واحد هو الشيخ عبد الله بن يس ـ رحمه الله ـ جاء يدعو إلى الله على بصيرة ، جاء يربي ويعلم ويجاهد ويصابر ، فإذا الرجل رجلين ، وإذا الاثنين أربعة والأربعة ألف وألفين وعشرة آلاف ، وإذا البلاد تفتح ، والإسلام ينتشر ، وإذا بدولة المرابطين تقوم ، وإذا برجال كأنهم من جيل الصحابة يوسف بن تاشفين وأبو بكر بن عمر ـ رحمهما الله ـ يعلمان ويربيان ويجاهدان ويصابران ، فإذا بالدولة تتسع ، والخير يعم ، ويدخل في الإسلام ثلث أفريقيا !!
ويصبح الجيش مائة ألف فارس في الشمال ، وخمسمائة ألف جندي في الجنوب ، وإذا بالجيوش تعبر الأندلس فتعيد البسمة إلى شفاه المسلمين ، وتشفي صدور قوم مؤمنين ، وتذهب غيظ قلوبهم ، وتذل الشرك وأهله ، وتعز الإسلام وحزبه ، وينصرها الله في موقعة الزلاقة بثلاثين ألفاً من الأبطال يحصدون ستين ألفاً من القوط الأسبان .
أرأيتم أيها المسلمون كيف تكون طاقة الإسلام ؟ أرأيتم كيف يكون رجال الإسلام ؟ أرأيتم كيف يكون شرع الإسلام ؟
ولماذا نذهب بعيداً ؟ هل أتاكم نبأ فلسطين ؟ لماذا اليأس والجزع
من احتلال دام ستين سنة ؟ ألم تسمعوا عن حملات الصليبيين التسعة البشعة ؟ ألم تعلموا أنهم مكثوا في أرض فلسطين محتلين مائتين من السنين ؟ وفي بيت المقدس أثنين وتسعين سنة ؟ ألم تقرأوا أنهم قتلوا في بيت المقدس سبعين ألفاً من المسلمين في يوم واحد ؟ وكانوا يسيرون في دماء المسلمين بخيولهم إلى الركب .
ثم ألم ترى كيف فعل ربك بالصليبيين ؟ دارت دورتهم في التاريخ ، وانتهت دولتهم البشعة القذرة ، وقام رجال متوضئون متطهرون قارئون لكتاب ربهم ، خاشعون في صلاتهم ، حاملون لسيوفهم ، معتمدون على ربهم ، يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ، قام رجال أمثال عماد الدين زنكي ، ونور الدين محمود الشهيد ، وصلاح الدين الأيوبي ـ رحمهم الله جميعاً ـ .. قاموا في سبيل مرضاة الله ، يحرصون على الموت فوهبت لهم الحياة ، قاموا يتزينون للجنة فتزينت لهم ، قاموا لله فكان الله معهم ، صدقهم الله وعده ، ونصر عباده ، وأعز جنوده ، وهزم الأحزاب وحده ، لا إله إلا هو سبحانه وبحمده .
فكانت حطين ، وكان ما بعد حطين ، وكانت أيام تشرف التاريخ بتدوينها .. وحق للتاريخ أن يتشرف بتسجيل أحداث وأيام المسلمين الجميلة الوضاءة .
هذه هي حقائق التاريخ فلماذا اليأس ؟ ولماذا القنوط ؟
أما شهادة الواقع على علو هذا الدين وانتصاره فهذا ما ستناول الحديث عنه في جمعة قادمة بإذن الله تعالى .
هذا وصلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه
إن مبشرات الوحي وحقائق التاريخ تخبرنا بأن أمة الإسلام أمة منتصرة ؛ لأن الله تعالى أودع فيها من عناصر القوة والبقاء ما يجعلها أمة حية باقية وأنها لا تموت ولا تفنى إلا إذا أراد الله نهاية الحياة وقيام الساعة .
روى الإمام أحمد وغيره وصححه الألباني عن أبي قبيل ـ رحمه الله ـ قال : كنا عند عبد الله بن عمرو بن العاص ـ رضي الله عنها ـ وسئل أي المدينتين تفتح أولاً ؟ القسطنطينية أو رومية ؟
فدعا بصندوق له حلق ، قال : فاخرج منه كتاباً ، قال : فقال : عبد الله بينما نحن حول رسول الله صلى الله عليه وسلم نكتب إذ سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم : أي المدينتين تفتح أولاً ؟ القسطنطينية أو رومية ؟ فقال : ( مدينة هرقل أي : القسطنطينية تفتح أولاً ) .
والقسطنطينية هي عاصمة الدولة الرومانية الشرقية آنذاك وهي : اسطنبول الآن ، ورومية هي روما ، وكانت عاصمة الدولة الرومانية الغربية ، وكانتا معقل النصرانية في العالم ، ويفهم من الحديث أن الصحابة كانوا يعلمون منه صلى الله عليه وسلم أن هاتين المدينتين ستفتحان ، لكن يسألون أي المدينتين تفتح أولاً ؟ فبشر رسول الله صلى الله عليه وسلم بفتح القسطنطينية أولاً ، وقد كان وتحققت البشارة النبوية بعد أكثر من ثمانمائة سنة وبالتحديد في : 20 / جمادى الأولى / سنة 857 هجرية على يد الفتى العثماني المجاهد محمد الفاتح ـ رحمه الله ـ وستحدث البشارة الثانية لا محالة .
وليس وعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بفتح المدينتين القسطنطينية وروما فقط ، بل وعد بفتح الأرض جميعاً ، ووعد ربنا جل وعلا بنصر المؤمنين ، ولقد رأينا ذلك كثيراً في صفحات تاريخنا ، لا أياماً أو شهوراً أو سنوات ، بل رأيناه قروناً عديدة . لقد كان المسلمون ينتصرون دائماً وهم أقل عدداً وعدة .
انتصر المسلمون على عدوهم في بدر ، مع فارق العدد والعدة .
وتأمل قول الله تعالى في امتنانه على المؤمنين في تلك الموقعة : * وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * .
انتصر المسلمون في موقعة اليمامة باثني عشر ألفاً من المجاهدين على أكثر من أربعين ألفاً من المرتدين .
وفتح خالد بن الوليد رضي الله عنه العراق بثمانية عشر ألفاً من الرجال الأبطال ، فدك حصون الفرس في خمس عشرة موقعة متتالية دون هزيمة .
وكانت جيوش الفرس تصل في بعض المواقع إلى مئة وعشرين ألفاً .
انتصر المسلمون المجاهدون في موقعة القادسية باثنين وثلاثين ألفاً من الرجال الأفذاذ على مائتين وأربعين ألفاً من الفرس ، وكانت موقعة فاصلة كسرت فيها شوكة الفرس ، وقتل فيها معظم قادة الجيش الفارسي .
انتصر المسلمون المؤمنون في موقعة نهاوند بثلاثين ألفاً على مائة وخمسين ألفاً .
وانتصر المسلمون المجاهدون الصابرون في حصار تستر بثلاثين ألفاً على مائة وخمسين ألفاً من الفرس ، وقد تكرر القتال أثناء ذلك الحصار ثمانين مرة ، وانتصر فيها المسلمون دون هزيمة واحدة .
انتصر المسلمون في اليرموك بتسعة وثلاثين ألفاً على مائتي ألف من الرومان .
انتصر المسلمون في معركة وادي برباط في فتح الأندلس باثني عشر ألف رجل على مائة ألف قوطي أسباني .
لقد رأينا ذلك وأمثاله مئات المرات ، بل آلاف المرات ... وما هذا الذي ذكرته لكم إلا مقتطفات يسيرة من سفر الإسلام
العظيم .
إقراءوا تاريخكم يا مسلمون .. فوالله الذي لا إله إلا هو ، لا يوجد تاريخ في الأرض مثل تاريخ المسلمين ، ولا يوجد دين مثل دين المسلمين ، ولا يوجد رجال مثل رجال المسلمين .
وحتى السقطات التي كانت تقع في تاريخ المسلمين كان يعقبها قيام أقوى وأشد ، وتعالوا نقلب صفحات قلائل من تاريخنا الحافل الزاخر العظيم بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم ارتدت الجزيرة العربية بكاملها إلا ثلاث مدن وقرية : المدينة ، ومكة ، والطائف ، وقرية هجر بالبحرين ، ولم تكن الردة بمنع الزكاة فقط ، بل ارتد كثير عن الإسلام بالكلية ، ومنهم من فتن المسلمين في دينهم ، ومنهم من قتل المسلمين ، بل إن منهم من ادعى النبوة كمسيلمة الكذاب ، والأسود العنسي وغيرهم ، وعم الكفر جزيرة العرب ، ويأس بعض الصحابة ، فكان الموقف أشد مما نحن فيه الآن مرات ومرات ، حتى قال بعضهم : يا خليفة رسول الله لا طاقة لنا بحرب العرب جميعاً ، الزم بيتك ، وأغلق عليك بابك ، واعبد ربك حتى يأتيك اليقين .
وهكذا ظنوا أنه لا نصر ولا أمل في القيام ، لكن الله عز وجل مَنَّ على المسلمين بأبي بكر الصديق رضي الله عنه الذي قام كالأسد الهصور ، يردد كلمة لو قالها المسلمون وعملوا بها لسادوا الدنيا جميعاً ، قال : ( أينقص الدين وأنا حي ؟ ) كلمة عظيمة جداً ، لا تصدر إلا عن عظيم ( أينقص الدين وأنا حي ؟ أقاتلهم وحدي حتى تنفرد سالفتي ) أي : حتى تنقطع رقبتي .
وقام الصديق رضي الله عنه وقام معه المسلمون فما هو إلا عام من الجهاد والقتال والنزال ، حتى أشرقت الأرض من جديد بنور ربها ، وأسلمت الجزيرة العربية بكاملها لله رب العالمين .
بل وأخذ أبو بكر قراراً هو أعجب قرار في التاريخ !! وهو إخراج جيشين من جزيرة العرب ، جيش لفتح بلاد فارس ، وجيش لفتح بلاد الروم .. عجباً لك أيها الصديق .. دولة صغيرة
خارجة من حرب أهلية مدمرة تواجه دولتين تقتسمان وتسيطران على العالم : فارس والروم !! لكنه موعود الله : * وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ * .
ويفتح الله عليه الدولتين ، وتكون انتصارات بلا هزائم ، وتمكين بلا ضعف ، وأمن بلا خوف تحقيقاً لقول الله : * وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * .
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .
الخطبة الثانية
أسمعتم أيها المسلمون عن ملوك الطوائف في بلاد الأندلس ؟ أرأيتم كيف قسمت بلاد الأندلس في عهدهم إلى أكثر من عشرين دويلة صغيرة متناحرة ؟ أرأيتم العمالة والخيانة والخزي والعار ؟
أرأيتم السفه والمجون والخلاعة والانحلال ؟ ثم ما شابه ذلك في بلاد المغرب والجزائر والسنغال وموريتانيا في قبائل البربر آنذاك ؟ أرأيتم ما حدث ؟ لقد فشا الزنا ، وانتشرت الخمور ، ووقع السلب والنهب وعم الفساد الأرض . ثم ماذا حدث ؟ لقد تغير الوضع تماماً في سنوات معدودات فيما يشبه المعجزة !! كيف ؟ لقد جاء رجل !! رجل واحد هو الشيخ عبد الله بن يس ـ رحمه الله ـ جاء يدعو إلى الله على بصيرة ، جاء يربي ويعلم ويجاهد ويصابر ، فإذا الرجل رجلين ، وإذا الاثنين أربعة والأربعة ألف وألفين وعشرة آلاف ، وإذا البلاد تفتح ، والإسلام ينتشر ، وإذا بدولة المرابطين تقوم ، وإذا برجال كأنهم من جيل الصحابة يوسف بن تاشفين وأبو بكر بن عمر ـ رحمهما الله ـ يعلمان ويربيان ويجاهدان ويصابران ، فإذا بالدولة تتسع ، والخير يعم ، ويدخل في الإسلام ثلث أفريقيا !!
ويصبح الجيش مائة ألف فارس في الشمال ، وخمسمائة ألف جندي في الجنوب ، وإذا بالجيوش تعبر الأندلس فتعيد البسمة إلى شفاه المسلمين ، وتشفي صدور قوم مؤمنين ، وتذهب غيظ قلوبهم ، وتذل الشرك وأهله ، وتعز الإسلام وحزبه ، وينصرها الله في موقعة الزلاقة بثلاثين ألفاً من الأبطال يحصدون ستين ألفاً من القوط الأسبان .
أرأيتم أيها المسلمون كيف تكون طاقة الإسلام ؟ أرأيتم كيف يكون رجال الإسلام ؟ أرأيتم كيف يكون شرع الإسلام ؟
ولماذا نذهب بعيداً ؟ هل أتاكم نبأ فلسطين ؟ لماذا اليأس والجزع
من احتلال دام ستين سنة ؟ ألم تسمعوا عن حملات الصليبيين التسعة البشعة ؟ ألم تعلموا أنهم مكثوا في أرض فلسطين محتلين مائتين من السنين ؟ وفي بيت المقدس أثنين وتسعين سنة ؟ ألم تقرأوا أنهم قتلوا في بيت المقدس سبعين ألفاً من المسلمين في يوم واحد ؟ وكانوا يسيرون في دماء المسلمين بخيولهم إلى الركب .
ثم ألم ترى كيف فعل ربك بالصليبيين ؟ دارت دورتهم في التاريخ ، وانتهت دولتهم البشعة القذرة ، وقام رجال متوضئون متطهرون قارئون لكتاب ربهم ، خاشعون في صلاتهم ، حاملون لسيوفهم ، معتمدون على ربهم ، يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ، قام رجال أمثال عماد الدين زنكي ، ونور الدين محمود الشهيد ، وصلاح الدين الأيوبي ـ رحمهم الله جميعاً ـ .. قاموا في سبيل مرضاة الله ، يحرصون على الموت فوهبت لهم الحياة ، قاموا يتزينون للجنة فتزينت لهم ، قاموا لله فكان الله معهم ، صدقهم الله وعده ، ونصر عباده ، وأعز جنوده ، وهزم الأحزاب وحده ، لا إله إلا هو سبحانه وبحمده .
فكانت حطين ، وكان ما بعد حطين ، وكانت أيام تشرف التاريخ بتدوينها .. وحق للتاريخ أن يتشرف بتسجيل أحداث وأيام المسلمين الجميلة الوضاءة .
هذه هي حقائق التاريخ فلماذا اليأس ؟ ولماذا القنوط ؟
أما شهادة الواقع على علو هذا الدين وانتصاره فهذا ما ستناول الحديث عنه في جمعة قادمة بإذن الله تعالى .
هذا وصلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه
swilm- عدد المساهمات : 14
تاريخ التسجيل : 01/12/2010
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الجمعة نوفمبر 11, 2011 7:06 am من طرف Admin
» تعزيه لاخ عبدالله باسواد
الجمعة نوفمبر 11, 2011 6:42 am من طرف Admin
» الحفل الختامي لدور الحفظ بمسجد جامع الغرف
الجمعة سبتمبر 16, 2011 8:42 am من طرف Admin
» الحفل الختامي لحلقات مسجد ارضوان
الجمعة سبتمبر 16, 2011 8:41 am من طرف Admin
» الافطار الجماعي لطلاب منطقه الغرف وسيلة ال شيخ
الجمعة سبتمبر 16, 2011 8:19 am من طرف Admin
» تعزيه وفاه الوالد مبارك علي مسلم
الجمعة سبتمبر 16, 2011 8:14 am من طرف Admin
» تعزيه للاخ انور باطحان
الجمعة سبتمبر 16, 2011 8:13 am من طرف Admin
» تعزيه للاخ محفوظ العامري
السبت يوليو 23, 2011 2:14 pm من طرف Admin
» تهنئه للعريسين عبدالله وعلاء ابناء فاروق التميمي
السبت يوليو 23, 2011 2:13 pm من طرف Admin